تعتبر المهنة الإخراجية مهمة صعبة، باعتبار العمل الفني شيئا هلاميا، يكون على كاهل المخرج صناعته وتحويله لنسق متقن بالصورة والصوت والحركة، وتقديمه للجمهور.
ومن أصعب نطاقات الإخراج، الإخراج الفانتازي، فيكون على المخرج عبء آخر، يتجسد في تحويل الفكرة الغريبة من خياله، أو خيال الكاتب، إلى فكرة ملموسة عبر مكان، ليس بالاعتيادي، يحتضنها، وتسخير المكونات التقنية والعلمية والإخراجية بالإضافة للمؤثرات، وقدرات الممثلين، لإنتاج مشهد غريب يقنع المشاهد.
وقد لمع الكثير من مخرجي الفانتازيا في العالم خلال العقود الماضية، بما قدموه من أعمال أبهرت الجمهور، وهذه قائمة بأبرز خمسة منهم
بيل كوندون
بدأ الأمريكي بيل كوندون مسيرته الفنية ككاتب سيناريو بمحاكاة ساخرة ذكية في فيلم Gods and Monsters“ عام 1981.
وعمل في مجال الصحافة السينمائية من بعدها، واستمر في كتابة المقالات عن أفلام هوليوود، وكانت إحدى مقالاته عن فيلم ”مليمتر“ وسيلة لمصاحبة المنتج الفني مايكل لافلين، بعد تقديم الثناء على المقال، وتعاونا في فيلم ”Strange Behavior“ الذي لم يحقق النجاح المطلوب لكنه كان أول رحلة الصناعة لديه.
وفي عام 1987، قفز كوندون لحركة الإخراج عبر فيلم الأخت، واستقطب فيه الشهير «إيريك ستولز». وتمكن بفضل قدرته الكتابية ودراسته للفلسفة من صناعة أفلام مؤثرة فيما بعد.
وأدرك حلم حياته بإخراج أول فيلم له ”Candyman“ عام 1991. وكانت نقلته النوعية عبر فيلم ”Frankenstein James Whale“، وقد تلقى من بعده النجمان إيان ماكيلين ولين ريدغريف ترشيحات أخرى، بينما حصل كاتب السيناريو والمخرج بنفسه على جائزة أوسكار لأفضل سيناريو مقتبس.
ومارس كوندون، المولود في 1955، شغفه السينمائي من بعد ليصبح ضمن الفئة الأولى لمخرجي هوليوود، وحقق نجاحًا أسطوريًا في الفيلم الفانتازي ”Beuty and the Beast“ عام 2017. واستخدم كوندون مهارته في محاكاة الذهن البشري، وتقديم أفكار هامشية داخل أعماله للتفكر، وإثارة الجدل.
جون هوارد كاربنتر
جون هوارد كاربنتر، من مواليد 1948، هو صانع أفلام وممثل وملحن أمريكي. على الرغم من أنه عمل مع أنواع مختلفة من الأفلام، إلا أنه مرتبط بشكل لافت بأفلام الرعب والحركة والخيال العلمي منذ السبعينيات والثمانينيات.
يُعرف كاربنتر عمومًا بأنه أحد أعظم سادة هذا النوع من الرعب، ففي مهرجان كان السينمائي لعام 2019، منحت نقابة المخرجين الفرنسيين كاربنتر جائزة المدرب الذهبي، وأشادت به باعتباره عبقريًا مبدعًا.
كانت معظم أفلام كاربنتر منذ البداية تحاور الخيال، وتصنع الأثر فيه، فاشتهر من خلال ”Halloween“ عام 1978، ومن ثم The fog عام 1980، ومن بعده ”Starman“ عام 1984.
والعديد من أفلام كاربنتر من السبعينيات والثمانينيات أصبحت تعتبر كلاسيكيات عبادة، وقد تم الاعتراف به كمخرج أفلام مؤثر، وتشمل كلاسيكيات العبادة التي أخرجها كاربنتر ”dark on Assault“.
وحديثًا عاد إلى إنتاج ”Halloween“ كمؤلف ومنتج تنفيذي، عام 2018. وكان من أشهر أفلام كاربنتر فيلم الخيال والرعب ”big trouble in little china“ عام 1986، الذي قدم خلاله قصة إنسانية مثيرة.
ومن اللافت أن كاربنتر ألّف أو شارك في تأليف معظم موسيقى أفلامه، وحصل على جائزة ”Saturn Award“ لأفضل موسيقى عن فيلم ”Vampires 1998″، ومعظم أعمال كاربنتر تميل لمنهجية النقد الاجتماعي والفكري للأحداث من حول الإنسان.
ريتشارد دونر
عمل المخرج الأمريكي ريتشارد دونر 1930 لفترة وجيزة كممثل في أواخر الخمسينيات من القرن الماضي، وظهر عبر الإعلانات التلفزيونية.
وركزت بعض أفضل أعمال دونر المبكرة على مختارات الخيال. وعمل دونر أيضًا في المسلسلات مع شركة الإنتاج ”Hanna-Barbera“، حيث أخرج عدة حلقات من ”Danger Island“، أحد مكونات سلسلة الأطفال لعام 1968، بعنوان ”Banana Splits“.
وعمل في مسلسلي ”الأطفال الصغار“ و“الجزيرة الغامضة“، وهي سمفونية هلوسة لأعمال الكاميرا المحمولة باليد. ومنذ عام 1961 تحول دونر إلى العمل السينمائي وظهر في مهمات إخراجية من خلال فيلم «الملح والفلفل» عام 1968.
وكان فيلم «حيازة شيطانية» أول عمل يحقق المكسب المادي لدونر، وانتقل إلى مهمته الإخراجية في أول فيلم سوبرمان في عام 1978.
وكان فيلم سوبرمان مشهورًا بدرجة كافية لإنتاجه على ثلاثة أجزاء. وحقق دونر الميدالية الذهبية في شباك التذاكر عدة مرات منذ عام 1978، لا سيما فيلم ”Lethal Weapon“ من بطولة ميل جيبسون وداني جلوفر.
كما نال فيلم الخيال والإثارة ”ladyhawke“ عام 1985 جائزة أوسكار لأفضل خليط صوتي، وأفضل موسيقى، وكذلك جائزة «هوجو» لأفضل إخراج. وقد وضع دونر نفسه في قمة الهرم بين مخرجي الفانتازيا العالمية، لوقت طويل، وسلط الضوء خلالها على الإنسان القوي، المنقذ الذي يستطيع تغيير العالم، وكانت أعماله تحمل إسقاطات حول الفكرة الساطعة التي تغير الإنسان، وتوفي في عام 2021.
جييرمو ديل تورو
هو مخرج مكسيكي شهير، ولد عام 1964، ويعد من أحرف المخرجين الذين عملوا في نطاق الخيال والغرائبية، وحاز على جائزة أوسكار من خلال فيلم شكل الماء ”Shape of water“ عام 2017، وقدم قصة خرافية في فيلم بانز لابرينث عام 2006.
وبالإضافة للإخراج عمل في الإنتاج وكتابة السيناريو، ونال جائزة الجولدن كلوب عام 2018، وجائزة الأسد الذهبي عام 2017، وحاز أيضًا جائزة هوجو لأفضل عرض مسرحي عام 2013، كما انتزع جائزة زحل عن فيلم القمة القرمزية عام 2007 عن عمل «متاهة بان»، وكذلك جائزة نيبولا، ونال جائزة البافتا لأفضل مخرج عن سلسلة أعماله.
وتندرج أعماله ضمن التصويرات الخرافية المحاكية للفكر، ويمرر ضمن أعماله مشاهد الرعب الصادمة، ويقدم تورو الوحوش ضمن أفلامه على أنها رمز القوة الهيولية. ويتطرق المخرج المكسيكي للمفهوم الديني، والعالم السفلي، بمحاكاة لماحة وذكية. ودرس تورو المؤثرات الخاصة والمكياج، مما أسهم في صناعة متمكنة لأفلامه، من خلال تعدد أدواته.
وكانت بداياته من خلال فيلم ميمك مع شركة ميراماكس للأفلام، عام 1997، التي قيدت عمله، مما أدى إلى نهاية عنيفة بينه وبين الشركة، واتجه من بعدها للعمل من خلال شركته الخاصة.
جيك كاسدين
هو مخرج تلفزيوني وسينمائي أمريكي مميز، من مواليد عام 1974. وقد بدأ الإخراج صغيرا، وحقق نجاحًا لافتًا من خلال فيلمه «Zero effect» عام 1998، وبتكلفة إنتاجية قليلة جدا
وأصبح كاسدين كاتبا مسرحيا وهو في الثانوية، واتجه للتمثيل في بداية حياته، لكنه كان يعرف طريقه نحو الإخراج. وعمل كمساعد إنتاج مع ولده في مسلسل أزمة منتصف العمر عام 1991.
وشهدت مسيرته الصغيرة عدة إخفاقات كان من ضمنها ”Orange country“ عام 2001، لكنه استعاد بريقه في الإخراج المعتمد على الخيال والإغراق في الغرابة والحوار الداخلي للأفكار من خلال إخراج فيلم ”Jumanji“، عام 2017، وهو فيلم مستقل عن فيلم يحمل نفس العنوان أنتج عام 1995.
واستخدم فيه الأبعاد الثلاثية في الإخراج، والحركة والخيال، ويقدم خلاله رسالة للأطفال حول تحدي البقاء على قيد الحياة ومكافحة المخاطر، فأعماله تظهر العالم على أنه ديستوبيا يجب مواجهتها بالمزيد من المغامرات.